الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: متن العشماوية في الفقه المالكي
.المقدمة .بَابُ نَوَاقِضِ الوُضُوْءِ فَأَمَّا الأَحْدَاثُ فَخَمْسَةٌ: ثَلاَثَةٌ مِن القُبُلِ وَهِيَ: الْمَذْيُ، والوَدْيُ، والبَوْلُ.. وَاثْنَانِ مِنَ الدُّبُرِ وَهُمَا: الغَائِطُ، والرِّيْحُ. وَأَمَّا أَسْبَابُ الأَحْدَاثِ: فَالنَّوْمُ، وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: طَوِيْلٌ ثَقِيْلٌ يَنْقُضُ الوُضُوْءَ، قَصِيْرٌ ثَقِيْلٌ يَنْقُضُ الوُضُوْءَ، قَصِيْرٌ خَفِيْفٌ لاَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ، طَوِيْلٌ خَفِيْفٌ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الوُضُوءُ. وَمِن الأَسْبَابِ التي تَنْقُضُ الوُضُوْءَ،زَوَالُ العَقْلِ: بِالْجُنُوْنِ وَالإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ. وَيَنْتَقِضُ الوُضُوءُ بِالرِّدَّةِ، وَبِالشَّكِّ في الحَدَثِ، وَبِمَسِّ الذَّكَرِ الْمتَّصِلِ بِبَاطِنِ الكَفِّ، أَوْ بِبَاطِنِ الأَصَابِعِ، أَوْ بِجَنْبَيْهِمَا، وَلَوْ بِأَصْبُعٍ زَائِدٍ إنْ حَسَّ.. وَبِاللَّمْسِ، وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: إنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا، فَعَلَيْهِ الوُضُوْءُ، وَإِنْ وَجَدَهَا وَلَم يَقْصِدْهَا، فَعَلَيْهِ الوُضُوْءُ، وَإِنْ قَصَدَهَا وَلَم يَجِدْهَا، فَعَلَيْهِ الوُضُوْءُ، وَإِنْ لَم يَقْصِدْ اللَّذَّةَ وَلَم يَجِدْهَا، فَلاَ وُضُوْءَ عَلَيْهِ. وَلاَ يَنْتَقِضُ الوُضُوْءُ: بِمَسِّ دُبُرٍ وَلاَ أُنْثَيَيْنِ، وَلاَ بِمَسِّ فَرْجِ صَغِيْرَةٍ، وَلاَ قَيءٍ، وَلاَ بِأَكْلِ لَحْمِ جَزُوْرٍ، وَلاَ حِجَامَةٍ، وَلاَ فَصْدٍ، وَلاَ بِقَهْقَهَةٍ في صَلاَةٍ، وَلاَ بِمَسِّ اِمْرَأةٍ فَرْجَهَا، وَقِيْلَ: إِنْ أَلْطَفَتْ فَعَلَيْهَا الوُضُوْءُ، واللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ أَقْسَامِ المِيَاهِ التي يَجُوْزُ مِنْهَا الوُضُوْءُ فَأَمَّا غَيْرُ الْمَخْلُوْطِ: فَهُوَ طَهُوْرٌ، وَهُوَ المَاءُ المُطْلَقُ.. يَجُوْزُ مِنْهُ الوُضُوْءُ، سَوَاءٌ نَزَلَ مِن السَّمَاءِ، أَوْ نَبَعَ مِن الأَرْضِ.. وَأَمَّا الْمَخْلُوْطُ: إِذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ الثَّلاَثَةُ - لَوْنِهِ، أَوْ طَعْمِهِ، أَوْ رِيْحِهِ - بِشَيْءٍ فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ تَارَةً يَخْتَلِطُ بِنَجِسٍ فَيَتَغَيَّرُ بِهِ، فَالمَاءُ نَجِسٌ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ الوُضُوءُ.. وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ، فَإِنْ كَانَ المَاءُ قَلِيْلاً وَالنَّجَاسَةُ قَلِيْلَةً كُرِهَ الوُضُوْءُ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.. وَتَارَةً يَخْتَلِطُ بِطَاهِرٍ فَيَتَغَيَّرُ بِهِ.. فَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ مِمَّا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ كَالمَاءِ المَخْلُوْطِ بِالزَّعْفَرَانِ وَالوَرْدِ وَالعَجِيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا المَاءُ طَاهِرٌ في نَفْسِهِ غَيْرُ مُطَهِّرٍ لِغَيْرِهِ.. فَيُسْتَعْمَلُ في العَادَاتِ، مِن طَبْخٍ وَعَجْنٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلاَ يُسْتَعْمَلُ في العِبَادَاتِ، لاَ في وُضُوْءٍ وَلاَ في غَيْرِهِ، وَإنْ كَانَ ممَّا لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، كَالمَاءِ المُتَغَيِّرِ بِالسَّبَخَةِ أَو الحَمْأَةِ، أَو الجَارِيْ عَلَى مَعْدِنِ زِرْنِيْخٍ أَوْ كِبْرِيْتٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ طَهُوْرٌ يَصِحُّ مِنْهُ الوُضُوْءُ. وَاللهُ أَعْلَم. .بَابُ فَرَائِضِ الوُضُوْءِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْكَ في غَسْلِ وَجْهِكَ أَنْ تُخَلِّلَ شَعْرَ لِحْيَتِكَ إِنْ كَانَ شَعْرُ اللِّحْيَةِ خَفِيْفًا تَظْهَرُ البَشْرَةُ تَحْتَهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيْفًا فَلاَ يَجِبُ عَلَيْكَ تَخْلِيْلُهَا، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْكَ في غَسْلِ يَدَيْكَ أَنْ تُخَلِّلَ أَصَابِعَكَ عَلَى المَشْهُورِ. وَأَمَّا سُنَنُ الوُضُوْءِ فَثَمَانِيَةٌ: غَسْلُ اليَدَيْنِ أَوَّلاً إِلى الكُوْعَيْنِ، وَالمَضْمَضَةُ، وَالاِسْتِنْشَاقُ، وَالاِسْتِنْثَارُ، وَهُوَ جَذْبُ المَاءِ مِن الأَنْفِ، وَرَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَمَسْحُ الأُذُنَيْنِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، وَتَجْدِيْدُ المَاءِ لَهُمَا، وَتَرْتِيْبُ فَرَائِضِهِ. وَأَمَّا فَضَائِلُهُ فَسَبْعَةٌ: التَّسْمِيَةُ، وَالْمَوْضِعُ الطَّاهِرُ، وَقِلَّةُ المَاءِ بِلاَ حَدٍّ، وَوَضْعُ الإِنَاءِ عَلَى اليَمِيْنِ إِنْ كَانَ مَفْتُوْحًا، وَالغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ إِذَا أَوْعَبَ بِالأُوْلَى، وَالبَدْءُ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَالسِّوَاكُ.. والله أعلم. .بَابُ فَرَائِضِ الغُسْلِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ وَأَمَّا سُنَنُهُ فَأَرْبَعَةٌ: غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلاً إِلى كُوْعَيْهِ، وَالمَضْمَضَةُ، وَالاِسْتِنْشَاقُ، وَمَسْحُ صِمَاخِ الأُذُنَيْنِ. وَأَمَّا فَضَائِلُهُ فَسِتَّةٌ: البَدْءُ بِإِزَالَةِ الأَذَى عَن جَسَدِهِ، ثُمَّ إِكْمَالُ أَعْضَاءِ وُضُوْئِهِ، وَغَسْلُ الأَعَالِيْ قَبْلَ الأَسَافِلِ، وَتَثْلِيْثُ الرَّأْسِ بِالغَسْلِ، وَالبَدْءُ بِالمَيَامِنِ قَبْلَ المَيَاسِرِ، وَقِلَّةُ المَاءِ مَعَ إِحْكَامِ الغَسْلِ.. وَاللهُ أَعْلَم. .بَابُ التَّيَمُّمِ فَأَمَّا فَرَائِضُهُ فَأَرْبَعَةٌ: النِّيَّةُ، وَهِيَ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاَةِ ؛ لأَنَّ التَّيَمُّمَ لاَ يَرْفَعُ الحَدَثَ عَلَى المَشْهُورِ.. وَتَعْمِيْمُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إلى كُوْعَيْهِ.. وَالضَّرْبَةُ الأُوْلَى.. وَالصَّعِيْدُ الطَّاهِرُ، وَهُوَ كُلُّ مَا صَعَدَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِن تُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ أَوْ حِجَارَةٍ أَوْ سَبَخَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلكَ. وَأَمَّا سُنَنُهُ فَثَلاَثَةٌ: تَرْتِيْبُ المَسْحِ، وَالمَسْحُ مِن الكُوْعِ إِلَى الْمِرْفَقِ، وَتَجْدِيْدُ الضَّرْبَةِ لِليَدَيْنِ. وَأَمَّا فَضَائِلُهُ فَثَلاَثَةٌ أَيْضًا: التَّسْمِيَةُ، وَالبَدْءُ بِمَسْحِ ظَاهِرِ اليُمْنَى بِاليُسْرَى إِلى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ بِالبَاطِنِ إِلى آخِر الأَصَابِعِ، وَمَسْحُ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ شُرُوْطِ الصَّلاَةِ فَأَمَّا شُرُوْطُ وُجُوْبِهَا فَخَمْسَةٌ: الإِسْلاَمُ، وَالبُلُوْغُ، وَالعَقْلُ، وَدُخُوْلُ الوَقْتِ، وَبُلُوْغُ دَعْوَةِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا شُرُوْطُ صِحَّتِهَا فَسِتَّةٌ: طَهَارَةُ الحَدَثِ، وَطَهَارَةُ الخَبَثِ، وَاسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ، وَسَتْرُ العَوْرَةِ، وَتَرْكُ الكَلاَمِ، وَتَرْكُ الأَفْعَالِ الكَثِيْرَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ فَرَائِضِ الصَّلاَةِ وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا وَمَكْرُوْهَاتِهَا النِّيَّةُ، وَتَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ ، وَالقِيَامُ لَهَا، وَقِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ، وَالقِيَامُ لَهَا، وَالرُّكُوْعُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ، وَالسُّجُوْدُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ، وَالجُلُوْسُ مِن الجَلْسَةِ الأَخِيْرَةِ بِقَدْرِ السَّلاَمِ، وَالسَّلاَمُ الْمُعَرَّفِ بِالأَلِفِ وَالَّلاَمِ، وَالطُّمَأْنِيْنَةُ، وَالاِعْتِدَالُ. وَأَمَّا سُنَنُ الصَّلاَةِ فَاثْنَا عَشَرَ: السُّوْرَةُ بَعْدَ الفَاتِحَةِ في الرَّكْعَةِ الأُوْلَى وَالثَّانِيَةِ، وَالقِيَامُ لَهَا، وَالسِّرُّ فِيْمَا يُسَرُّ فِيْهِ وَالجَهْرُ فِيْمَا يُجْهَرُ فِيْهِ، وَكُلُّ تَكْبِيْرَةٍ سُنَّةٌ إِلاَّ تَكْبِيْرَةَ الإِحْرَامِ فَإِنَّهَا فَرْضٌ – كَمَا تَقَدَّمَ – وسَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ لِلإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَالجُلُوسُ الأَوَّلُ، وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلاَمِ مِن الجُلُوْسِ الثَّانِي، وَرَدُّ الْمُقْتَدِيْ عَلَى إِمَامِهِ السَّلاَمَ، وَكَذَلِكَ رَدُّهُ عَلَى مَن عَلَى يَسَارِهِ إِنْ كَانَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ، وَالسُّتْرَةُ لِلإِمَامِ وَالفَذِّ إِنْ خَشِيَا أَنْ يَمُرَّ أَحَدٌ بَيْنَ يَدَيْهِمَا. وَأَمَّا فَضَائِلُ الصَّلاَةِ فَعَشَرَةٌ: رَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيْرَةِ الإِحْرَامِ، وَتَطْوِيْلُ قِرَاءَةِ الصَّبْحِ وَالظُّهْرِ وَتَقْصِيْرُ قِرَاءَةِ العَصْرِ وَالمَغْرِبِ وَتَوَسُّطِ العِشَاءِ، وَقَوْلُ : (رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) لِلمُقْتَدِيْ وَالفَذِّ، وَالتَّسْبِيْحُ في الرُّكُوْعِ وَالسُّجُوْدِ، وَتَأْمِيْنُ الفَذِّ وَالمَأْمُوْمِ مُطْلَقًا، وَتَأْمِيْنُ الإِمَامِ في السِّرِّ فَقَطْ. وَالقُنُوْتُ هُوَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِيْنُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، وَنُثْنِيْ عَلَيْكَ الخَيْرَ كُلَّهْ، نَشْكُرُكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ، وَنَخْنَعُ لَكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَن يَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّيْ وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخَافُ عَذَابَكَ الجِدَّ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالكَافِرِيْنَ مُلْحِقٌ. وَالقُنُوْتُ لاَ يَكُوْنُ إِلاَّ في الصُّبْحِ خَاصَّةً، وَيَكُوْنُ قَبْلَ الرُّكُوْعِ، وَهُوَ سِرٌّ. وَالتَّشَهُّدُ سُنَّةٌ، وَلَفْظُهُ: التَّحِيَّاتُ للهِ، الزَّاكِيَاتُ للهِ، الطَّيِّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ للهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ. فَإِنْ سَلَّمْتَ بَعْدَ هَذَا أَجْزَأَكَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : (وَأَشْهَدُ أَنَّ الذِيْ جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَأَنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأّنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيْهَا، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَن في القُبُوْرِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ في العَالَمِيْنَ، إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلاَئِكَتِكَ وَالْمُقَرَّبِيْنَ، وَعَلَى أَنْبِيَائِكَ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى أَهْلِ طَاعَتِكَ أَجْمَعِيْنَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِيْ وَلِوَالِدَيَّ وَلأَئِمَّتِنَا وَلِمَنْ سَبَقَنَا بِالإِيْمَانِ، مَغْفِرَةً عَزْمًا، اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْأَلُكَ مِن كُلِّ خَيْرٍ سَأَلَكَ مِنْهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ صلى الله عليه وسلم ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِن كُلِّ شَرٍّ اِسْتَعَاذَكَ مِنْهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ صلى الله عليه وسلم ، اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، وَمَا أَسْرَرْنَا وَمَا أَعْلَنَّا، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وِفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَأَعُوْذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِن فِتْنَةِ القَبْرِ، وَمِن فِتْنَةِ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَسُوْءِ المَصِيْرِ. وَأَمَّا مَكْرُوْهَاتُ الصَّلاَةِ: فَالدُّعَاءُ بَعْدَ الإِحْرَامِ وَقَبْلَ القِرَاءَةِ، وَالدُّعَاءُ في أَثْنَاءِ الفَاتِحَةِ وَأَثْنَاءِ السُّوْرَةِ، وَالدُّعَاءُ في الرُّكُوْعِ، وَالدُّعَاءُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ، وَالدُّعَاءُ بَعْدَ سَلاَمِ الإِمَامِ، وَالسُّجُوْدُ عَلَى الثِّيَابِ وَالبُسُطِ وَشِبْهِهِمَا مِمَّا فِيْهِ رَفَاهِيَةٌ، بِخِلاَفِ الحَصِيْرِ فَإِنَّهُ لاَ يُكْرَهُ السُّجُوْدُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ تَرْكُهَا أَوْلَى، وَالسُّجُوْدُ عَلَى الأَرْضِ أَفْضَلُ.. وَمِنَ المَكْرُوْهِ السُّجُوْدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفِ كُمِّهِ أَوْ رِدَائِهِ، وَالقِرَاءَةُ في الرُّكُوْعِ وَالسُّجُوْدِ، وَالدُّعَاءُ بِالعَجَمِيَّةِ لِلقَادِرِ عَلَى العَرَبِيَّةِ، وَالاِلْتِفَاتُ في الصَّلاَةِ، وَتَشْبِيْكُ أَصَابِعِهِ وَفَرْقَعَتُهَا، وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ، وَإِقْعَاؤُهُ، وَتَغْمِيْضُ عَيْنَيْهِ، وَوَضْعُ قَدَمِهِ عَلَى الأُخْرَى، وَتَفَكُّرُهُ بِأَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمِّهِ أَوْ فَمِهِ، وَعَبَثٍ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمَشْهُوْرُ في البّسْمَلَةِ وَالتَّعَوُّذِ الكَرَاهَةُ في الفَرِيْضَةِ دُوْنَ النَّافِلَةِ، وَعَن مَالِكٍ قَوْلٌ بِالإِبَاحَةِ، وَعَن اِبْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهَا مَنْدُوْبَةٌ، وَعَن اِبْنِ نَافِعٍ وُجُوْبُهَا، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِن المَكْرُوْهَاتِ في صَلاَتِهِ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ مَنْدُوْبَاتِ الصَّلاَةِ وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ : الضُّحَى، وَالتَّرَاوِيْحُ، وَتَحِيَّةُ المَسْجِدِ، وَالشَّفْعُ وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ، وَالوَتْرُ رَكْعَةٌ بَعْدَهُ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَالقِرَاءَةُ في الشَّفْعِ وَالوَتْرِ جَهْرًا، وَيَقْرَأُ في الشَّفْعِ في الرَّكْعَةِ الأُوْلَى بِأُمِّ القُرْآنِ وَ(سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) وَفي الثَّانِيَةِ بِأُمِّ القُرْآنِ وَ(قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُوْنَ) وَفي الوَتْرِ بِأُمِّ القُرْآنِ وَ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، وَرَكْعَتَا الفَجْرِ مِن الرَّغَائِبِ، وَقِيْلَ مِن السُّنَنِ، وَيَقْرَأُ فِيْهِمَا سِرًّا بِأُمِّ القُرْآنِ فَقَطْ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ مُفْسِدَاتِ الصَّلاَةِ .بَابُ سُجُوْدِ السَّهْوِ وَالسَّاهِيْ في صَلاَتِهِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ : تَارَةً يَسْهُوْ عَن نَقْصِ فَرْضٍ مِن فَرَائِضِ صَلاَتِهِ، فَلاَ يُجْبَرُ بِسُجُوْدِ السَّهْوِ وَلاَ بُدَّ مِن الإِتْيَانِ بِهِ، وَإِنْ لمَ ْيَذْكُرْ ذَلِكَ حَتى سَلَّمَ وَطَالَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَيَبْتَدِئُهَا. وَتَارَةً يَسْهُوْ عَن فَضِيْلَةٍ مِن فَضَائِلٍ صَلاَتِهِ كَالقُنُوْتِ، وَ(رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) وَتَكْبِيْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَلاَ سُجُوْدَ عَلَيْهِ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ، وَمَتى سَجَدَ لِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ قَبْلَ سَلاَمِهِ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وَيَبْتَدِئُهَا. وَتَارَةً يَسْهُو عَن سُنَّةٍ مِن سُنَنِ صَلاَتِهِ، كَالسُّوْرَةِ مَعَ أُمِّ القُرْآنِ، أَوْ تَكْبِيْرَتَيْنِ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ أَو الجُلُوْسُ لَهُمَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَسْجُدُ لِذَلِكَ. وَلاَ يَفُوْتُ البَعْدِيُّ بِالنِّسْيَانِ، وَيَسْجُدُهُ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مِن صَلاَتِهِ. وَلَوْ قَدَّمَ السُّجُوْدَ البَعْدِيَّ أَوْ أخَّرَ السُّجُوْدَ القَبْلِيَّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَلاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ عَلَى المَشْهُوْرِ. وَمَن لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى، ثَلاَثًا أَوْ اِثْنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَبْنِيْ عَلَى الأَقَلِّ، وَيَأْتِيْ بِمَا شَكَّ فِيْهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلاَمِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابٌ في الإِمَامَةِ فَإِنْ اِقْتَدَيْتَ بِإِمَامٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَكَ أَنَّهُ كَافِرٌ، أَوْ اِمْرَأَةٌ، أَوْ خُنْثى مُشْكِلٌ، أَوْ مَجْنُوْنٌ، أَوْ فَاسِقٌ بِجَارِحَةٍ، أَوْ صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغِ الحُلُمَ، أَوْ مُحْدِثٌ تَعَمَّدَ الحَدَثَ، بَطَلَتْ صَلاَتُكَ وَوَجَبَتْ عَلَيْكَ الإِعَادَةُ. وَيُسْتَحَبُّ: سَلاَمَةُ الأَعْضَاءِ للإِمَامِ.. وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ: الأَقْطَعِ وَالأَشَلِّ، َوصَاحِبِ السَّلَسِ، وَمَنْ بِهِ قُرُوْحٌ لِلصَّحِيْحِ، وَإِمَامَةُ مَن يُكْرَهُ. وَيُكْرَهُ لِلْخَصِيِّ وَالأَغْلَفِ وَالْمَأْبُوْنِ، وَمَجْهُوْلِ الحَالِ، وَوَلَدِ الزِّنَا، وَالعَبْدِ في الفَرِيْضَةِ أَنْ يَكُوْنَ إِمَامًا رَاتِبًا.. بِخِلاَفِ النَّافِلَةِ فَإنَّهَا لاَ تُكْرَهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَتَجُوْزُ إِمَامَةُ الأَعْمَى، وَالْمُخَالِفِ في الفُرُوْعِ، وَالعِنِّيْنِ، وَالْمُجَذَّمِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَدَّ جُذَامُهُ ويَضُرَّ بِمَن خَلْفَهُ فَيُنَحَّى عَنْهُم. وَيَجُوْزُ عُلُوُّ الْمَأْمُوْمِ عَلَى إِمَامِهِ وَلَو بِسَطْحٍ، وَلاَ يَجُوْزُ لِلإِمَامِ العُلُوُّ عَلَى مَأْمُوْمِهِ إِلاَّ بِالشَّيْءِ اليَسِيْرِ كَالشِّبْرِ وَنَحْوِهِ.. وَإِنْ قَصَدَ الإِمَامُ أَو الْمَأْمُوْمُ بِعُلُوِّهِ الكِبْرَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ. وَمِن شُرُوْطِ الْمَأْمُوْمِ: أَنْ يَنْوِيَ الاِقْتَدَاءَ بِإِمَامِهِ.. وَلاَ يُشْتَرَطُ في حَقِّ الإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ إِلاَّ في أَرْبَعِ مَسَائِلَ : في صَلاَةِ الجُمُعَةِ، وَصَلاَةِ الْجَمْعِ، وَصَلاَةِ الخَوْفِ، وَصَلاَةِ الاِسْتِخْلاَفِ.. وَزَادَ بَعْضُهُمْ فَضْلَ الجَمَاعَةِ عَلَى الخِلاَفِ في ذَلِكَ. وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيْمُ: السُّلْطَانِ في الإِمَامَةِ، ثُمَّ رَبُّ الْمَنْزِلِ، ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ يُقَدَّمُ عَلَى المَالِكِ، ثُمَّ الزَّائِدُ في الفِقْهِ، ثُمَّ الزَّائِدُ في الحَدِيْثِ، ثُمَّ الزَّائِدُ في القِرَاءَةِ، ثُمَّ الزَّائِدُ في العِبَادَةِ، ثُمَّ الْمُسِنُّ في الإِسْلاَمِ، ثُمَّ ذُوْ النَّسَبِ، ثُمَّ جَمِيْلُ الْخَلْقِ، ثُمَّ حَسَنُ الْخُلُقِ، ثُمَّ حَسَنُ اللِّبَاسِ، وَمَن كَانَ لَهُ حَقُّ التَّقْدِيْمِ في الإِمَامَةِ وَنَقَصَ عَن دَرَجَتِهَا كَرَبِّ الدَّارِ - وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ مَثَلاً - فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَن يَسْتَنِيْبَ مَن هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا شُرُوْطُ وُجُوْبِهَا فَسَبْعَةٌ: الإِسْلاَمُ، وَالبُلُوْغُ، وَالعَقْلُ، وَالذُّكُوْرِيَّةُ، وَالحُرِّيَّةُ، وَالإِقَامَةُ، وَالصِّحَّةُ. وَأَمَّا أَرْكَانُهَا فَخَمْسَةٌ: الأَوَّلُ: المَسْجِدُ الذِي يَكُوْنُ جَامِعًا. الثَّاني: الجَمَاعَةُ، وَلَيْسَ لَهُمْ حَدٌّ عِنْدَ مَالِكٍ، بَل لاَ بُدَّ أَنْ تَكُوْنَ جَمَاعَةً تَتَقَرَّى بِهِم قَرْيَةٌ، وَرجَّحَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا أَنَّهَا تَجُوْزُ بِاثْنَي عَشَرَ رَجُلاً بَاقِيْنَ لِسَلاَمِهَا. الثَّالِثُ: الخُطْبَةُ الأُوْلَى، وَهِيَ رُكْنٌ عَلَى الصِّحِيْحِ، وَكَذَلِكَ الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى المَشْهُوْرِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ تَكُوْنَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الصَّلاَةِ، وَليْسَ في الخُطْبَةِ حَدٌّ عِنْدَ مَالِكٍ أَيْضُا، وَلاَ بُدَّ أَنْ تَكُوْنَ ممَّا تُسَمِّيْهِ العَرَبُ خُطْبَةً، وَتُسْتَحَبُّ الطَّهَارَةُ فِيْهِمَا، وَفي وُجُوْبِ القِيَامِ لَهُمَا تَرَدُّدٌ. الرَّابَعُ: الإِمَامُ، وَمِن صِفَتِهِ أَنْ يَكُوْنَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الجُمُعَةُ، احترازا مِن الصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِم، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُوْنَ الْمَصَلِّيْ بِالجَمَاعَةِ هُوَ الخَاطِبُ إِلاَّ لِعُذْرٍ يَمْنَعُهُ مِن ذَلِكَ، مِن مَرَضٍ أَوْ جُنُوْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيَجِبُ انْتِظَارُهُ لِلعُذْرِ القَرِيْبِ عَلَى الأَصَحِّ. الخَامِسُ: مَوْضِعُ الاِسْتِيْطَانِ، فَلاَ تُقَامُ الجُمُعَةُ إِلاَّ في مَوْضِعٍ يُسْتَوْطَنُ فِيْهِ وَيَكُوْنُ مَحَلاًّ لِلإِقَامَةِ يُمْكِنُ الْمَثْوَى فِيْهِ، بَلَدًا كَانَ أَوْ قَرْيَةً. وَأَمَّا آدَابُ الجُمُعَةِ فَثَمَانِيَةٌ: الأَوَّلُ: الغُسْلُ لَهَا، وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الجُمْهُوْرِ، وَمِن شُرُوْطِهِ أَنْ يَكُوْنَ مُتَّصِلاً بِالرَّوَاحِ، فَإِنْ اغْتَسَلَ وَاشْتَغَلَ بِغَدَاءٍ أَوْ نَوْمٍ أَعَادَ الغُسْلَ عَلَى المَشْهُوْرِ. الثَّانِي: السِّوَاكُ. الثَّالِثُ : حَلْقُ الشَّعْرِ. الرَّابِعُ : تَقْلِيْمُ الأَظَافِرْ. الخَامِسُ : تَجَنُّبُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ الرَّائِحَةُ الكَرِيْهَةُ. السَّادِسُ: التَّجَمُّلُ بِالثِّيَابِ الحَسَنَةِ. السَّابِعُ : التَّطَيُّبُ لَهَا. الثَّامِنُ: المَشْيُ لَهَا دُوْنَ الرُّكُوْبِ، إِلاَّ لِعُذْرٍ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الأَعْذَارُ الْمُبِيْحَةُ لِلتَّخَلُّفِ عَنْهَا، فَمِن ذَلِكَ: المَطَرُ الشَّدِيْدُ، وَالوَحْلُ الكَثِيْرُ، وَالْمُجَذَّمُ الذِي تَضُرُّ رَائِحَتُهُ بِالجَمَاعَةِ، وَالمَرَضُ، وَالتَّمْرِيْضُ ؛ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ مَرِيْضًا، كَالزَّوْجَةِ وَالوَلَدِ وَأَحَدِ الأَبَوَيْنِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَن يَعُوْلُهُ، فَيَحْتَاجُ إِلى التَّخَلُّفِ لِتَمْرِيْضِهِ.. وَمِن ذَلِكَ إِذَا احْتُضِرَ أَحَدٌ مِن أَقَارِبِهِ أَو إخْوَانِهِ.. قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَهْلِكُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَيَتَخَلَّفُ عِنْدَهُ رَجُلٌ مِن إخْوَانِهِ يَنْظُرُ في شَأْنِهِ: لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.. وَمِنْهَا لَو خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِن ضَرْبِ ظَالِمٍ أَوْ حَبْسِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُعْسِرُ يَخَافُ أَنْ يَحْبِسَهُ غَرِيْمُهُ عَلَى الأَصَحِّ.. وَمِن ذَلِكَ الأَعْمَى الذِي لاَ قَائِدَ لَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ قَائِدٌ، أَوْ كَانَ مِمَّن يَهْتَدِيْ لِلجَامِعِ بِلاَ قَائِدٍ، فَلاَ يَجُوْزُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا. وَيَحْرُمُ: السَّفَرُ عِنْدَ الزَّوَالِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ عَلَى مَن تَجِبُ عَلَيْهِ الجُمُعَةُ.. وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الكَلاَمُ وَالنَّافِلَةُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، سَوَاءٌ كَانَ في الخُطْبَةِ الأُوْلَى أَو الثَّانِيَةِ، وَيَجْلِسُ الرَّجُلُ وَلاَ يُصَلِّيْ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ تَلَبَّسَ بِنَفْلٍ قَبْلَ دُخُوْلِ الإِمَامِ، فَيُتِمُّ ذَلِكَ.. وَيَحْرُمُ البَيْعُ وَالشِّرَاءُ عِنْدَ الأَذَانِ الثَّانِي، وَيُفْسَخُ إِنْ وَقَعَ. وَيُكْرَهُ: تَرْكُ العَمَلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَتَنَفُّلُ الإِمَامِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلجَالِسِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عِنْدَ الأَذَانِ الأَوَّلِ، وَيُكْرَهُ حُضُوْرُ الشَّابَّةِ لِلجُمُعَةِ، وَكَذَلِكَ السَّفَرُ بَعْدَ الفَجْرِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ صَلاَةِ الْجَنَازَةِ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: النِّيَّةُ، وَأَرْبَعُ تَكْبِيْرَاتٍ، وَالدُّعَاءُ بَيْنَهُنَّ، وَالسَّلاَمُ.. وَيَدْعُوْ بِمَا تَيَسَّرَ.. وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ في رِسَالَتِهِ أَنْ يَقُوْلَ: (الحَمْدُ للهِ الذِي أَمَات وَأَحْيَا، وَالحَمْدُ للهِ الذِي يُحْيِى المَوْتَى، لَهُ العَظَمَةُ وَالكِبْرِيَاءُ، وَالمُلْكُ وَالقُدْرَةُ وَالسَّنَاءُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ.. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ في العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ.. اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، أَنْتَ خَلَقْتَهُ وَرَزَقْتَهُ وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيْهِ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ وَعَلاَنِيَتِهِ، جِئْنَاكَ شُفَعَاءَ لَهُ فَشَفِّعْنَا فِيْهِ.. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَجِيْرُ بِحَبْلِ جِوَارِكَ لَهُ، إِنَّكَ ذُوْ وَفَاٍء وَذِمَّةٍ، اللَّهُمَّ قِهِ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وَمِن عَذَابِ جَهَنَّمَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ، وَنَقِّهِ مِنَ الذُّنُوْبِ وَالخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِن الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ وَأَهْلاً خَيْرًا مِن أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهِ.. اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ في إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيْئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ.. اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُوْلٍ بِهِ، فَقِيْرٌ إِلى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَن عَذَابِهِ.. اللَّهُمَّ ثَبِّتْ عِنْدَ المَسْأَلَةِ مَنْطِقَهُ، وَلاَ تَبْتَلِهِ في قَبْرِهِ بِمَا لاَ طَاقَةَ لَهُ بِهِ، وَأَلْحِقْهُ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُ). تَقُوْلُ ذَلِكَ بِإِثْرِ كُلِّ تَكْبِيْرَةٍ... وَتَقُوْلُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ: (اللَّهُمَ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَحَاضِرِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيْرِنا وَكَبِيْرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُتَقَلَّبَنَا وَمَثْوَانَا، وَاغْفِرْ لنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِمْن سَبَقَنَا بِالإِيْمَانِ مَغْفِرَةً عَزْمًا وَلِلمُسْلِمِيْنَ وَالمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاِء مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ.. اللَّهُمَّ مَن أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيْمَانِ، وَمَن تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَأَسْعِدْنَا بِلِقَائِكَ وَطَيِّبْنَا لِلْمَوْتِ وَطَيِّبْهُ لَنَا وَاجْعَلْ فِيْهِ رَاحَتَنَا وَمَسَرَّتَنَا).. ثُمَّ تُسَلِّمُ.. وَإِنْ كَانَت الصَّلاَةُ عَلَى امْرَأَةٍ قُلْتَ: (اللَّهُمَّ إِنَّهَا أَمَتُكَ..)،ثُمَّ تَتَمَادَى بِذِكْرِهَا عَلَى التَّأْنِيْثِ، غَيْرَ أَنَّكَ لاَ تَقُوْلُ: وَأَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِن زَوْجِهَا ؛ لأَنَّهَا قَدْ تَكُوْنُ زَوْجًا في الجَنَّةِ لِزَوْجِهَا في الدُّنْيَا، وَنِسَاءُ الجَنَّةِ مَقْصُوْرَاتٌ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لاَ يَبْغِيْنَ بِهِمْ بَدَلاً. وَإِنْ أَدْرَكْتَ جَنَازَةً وَلَمْ تَعْلَمْ أذَكَرٌ هِيَ أَمْ أُنْثَى قُلْتَ: (اللَّهُمَّ إِنَّهَا نَسَمَتُكَ..)،ثُمَّ تَتَمَادَى بِذِكْرِهَا عَلَى التَّأْنِيْثِ، لأَنَّ النَّسَمَةَ تَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالأُنْثىَ. وَإِنْ كَانَت الصَّلاَةُ عَلَى طِفْلٍ: قُلْتَ مَا تَقَدَّمَ مِن النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيْرَاتِ وَالدُّعُاءِ، غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَقُوْلَ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللهِ وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (اللّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، أَنْتَ خَلَقْتَهُ وَرَزَقْتَهُ وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيْهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا، وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِيْنَهُمَا وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُوْرَهُمَا وَلاَ تَحْرِمْنَا وَإِيَّاهُمَا أَجْرَهُ وَلاَ تَفْتِنَّا وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ.. اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ المُؤْمِنِيْنَ، في كَفَالَةِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِن دَارِهِ وَأَهْلاً خَيْرًا مِن أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِن فِتْنَةِ القَبْرِ وَمِن عَذَابِ جَهَنَّمَ). تَقُوْلُ ذَلِكَ بِإِثْرِ كُلِّ تَكْبِيْرَةٍ، وَتَقُوْلُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَسْلاَفِنَا وَأَفْرَاطِنَا وَلِمَن سَبَقَنَا بِالإِيْمَانِ.. اللَّهُمَّ مَن أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيْمَانِ، وَمَن تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَاغْفِرْ للمُسْلِمِيْنَ واَلمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ) ثُمَّ تُسَلِّمُ. وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ الصِّيَامِ يَثْبُتُ: بِكَمَالِ شَعْبَانَ، أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ لِلهِلاَلِ، أَو جَمَاعَةٍ مُسْتَفِيْضَةٍ، وَكَذَلِكَ الفِطْرُ. وَيُبَيِّتُ الصِّيَامَ في أَوَّلِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ البَيَاتُ في بَقِيَّتِهِ، وَيُتِمُّ الصِّيَامَ إِلى اللَّيْلِ.. وَمِنَ السُّنَّةِ تَعْجِيْلُ الفِطْرِ وَتَأْخِيْرُ السُّحُوْرِ. وَحَيْثُ ثَبَتَ الشَّهْرُ قَبْلَ الفَجْرِ وَجَبَ الصَّوْمُ، وَإِنْ لَم يَثْبُتْ إِلاَّ بَعْدَ الفَجْرِ وَجَبَ الإِمْسَاكُ، وَلاَ بُدَّ مِن قَضَاءِ ذَلِكَ اليَوْمِ.. وَالنِّيَّةُ قَبْلَ ثُبُوْتِ الشَّهْرِ بَاطِلَةٌ، حَتى لَوْ نَوَى قَبْلَ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ أَصْبَحَ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ،ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ اليَوْمَ مِن رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ.. وَيُمْسِكُ عَن الأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ، وَيَقْضِيْهِ. وَلاَ يُصَامُ يَوْمُ الشَّكِّ لِيَحْتَاطَ بِهِ مِن رَمَضَانَ، وَيَجُوْزُ صِيَامُهُ لِلتَّطَوِّعِ وَالنَّذْرِ إِذَا صَادَفَ، وَيُسْتَحَبُّ الإِمْسَاكُ في أَوَّلِهِ لِيَتَحَقَّقَ النَّاسُ الرُّؤْيَةَ، فَإِن ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَلَم تَظْهَرْ رُؤْيَةٌ أَفْطَرَ النَّاسُ. وَلاَ يُفْطِرُ: مَن ذَرَعَهُ القَيْءُ، إِلاَّ أَنْ يُعَالِجَ خُرُوْجَهُ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ.. وَلاَ يُفْطِرُ مَن احْتَلَمَ.. وَلاَ مَن احْتَجَمَ، وَتُكْرَهُ الحِجَامَةُ للمَرِيْضِ خِيْفَةَ التَّغْرِيْرِ. وَمِن شُرُوْطِ صِحَّة الصَّوْم ِالنِّيَّةُ السَّابِقَةُ للفَجْرِ: سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَفْلاً.. وَالنِّيَّةُ الوَاحِدَةُ كَافِيَةٌ في كُلِّ صَوْمٍ يَجِبُ تَتَابُعُهُ، كَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَصِيَامِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالقَتْلِ، وَالنَّذْرِ الذِي أَوْجَبَهُ المُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ.. وَأَمَّا الصِّيَامُ المَسْرُوْدُ وَاليَوْمُ المُعَيَّنُ فَلاَ بُدَّ مِن التَّبْيِيْتِ فِيْهِ كُلَّ لَيْلَةٍ. وَمِن شُرُوْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ النَّقَاءُ مِن دَمِ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ: فَإِن انْقَطَعَ دَمُ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ قَبْلَ الفَجْرِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَجَبَ عَلَيْهَا صَوْمُ ذَلكَ اليَوْمِ، وَلَو لَم تَغْتَسِلْ إِلاَّ بَعْدَ الفَجْرِ.. وَتُعَادُ النِّيَّةُ إِذَا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ بِالمَرَضِ وَالحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَشِبْهِ ذَلِكَ. وَمِن شُرُوِط صِحَّةِ الصَّوْمِ العَقْلُ: فَمَن لاَ عَقْلَ لَهُ، كَالمَجْنُوْنِ وَالمُغْمَى عَلَيْهِ، لاَ يَصِحُّ مِنْهُ الصَّوْمُ في تِلكَ الحَالَةِ.. وَيَجِبُ عَلَى المَجْنُوْنِ إِذَا عَادَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ سِنِيْنَ كَثِيْرَةٍ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ مِن الصَّوْمِ في حَالِ جُنُوْنِهِ، وَمِثْلُهُ المُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا أَفَاقَ. وَمِن شُرُوْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ تَرْكُ الجِمَاعِ وَالأَكْلِ وَالشُّرْبِ: فَمَن فَعَلَ في نَهَارِ رَمَضَانَ شَيْئًا مِن ذَلكَ مُتَعَمِّدًا مِن غَيْرِ تَأْوِيْلٍ قَرِيْبٍ وَلاَ جَهْلٍ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ وَالكَفَّارَةُ.. وَالكَفَّارَةُ في ذَلِكَ إِطْعَامُ سِتِّيْنَ مِسْكِيْنًا مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِيْنٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، أَوْ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ.. وَمَا وَصَلَ مِن غَيْرِ الفَمِ إِلى الحَلْقِ مِن أُذُنٍ أَوْ أَنْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ بَخُوْرًا، فَعَلَيْهِ القَضَاءُ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ البَلْغَمُ المِمْكِنُ طَرْحُهُ، وَالغَالِبُ مِن المَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ. وَكُلِّ مَا وَصَلَ إِلى الْمَعِدَةِ وَلَوْ بِالحُقْنَةِ المَائِعَةِ، وَكَذَا مَن أَكَلَ بَعْدَ شَكِّهِ في الفَجْرِ لَيْسَ عَلَيْهِ في جَمِيْعِ ذَلكَ كُلِّهِ إِلاَّ القَضَاءُ. وَلاَ يَلْزَمُهُ القَضَاءُ في غَالِبٍ: مِن ذُبَابٍ أَوْ غُبَارِ طَرِيْقٍ أَوْ دَقِيْقٍ أَوْ كَيْلِ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ، وَلاَ في حُقْنَةٍ مِن إِحْلِيْلٍ، وَلاَ في دُهْنِ جَائِفَةٍ. وَيَجُوْزُ لِلصَّائِمِ: السِّوَاكُ جَمِيْعَ نَهَارِهِ، وَالمَضْمَضَةُ للعَطَشِ، وَالإِصْبَاحُ بِالجَنَابَةِ، وَالحَامِلُ إِذَا خَافَتْ عَلَى مَا في بَطْنِهَا أَفْطَرَتْ وَلَمْ تُطْعِمْ، وَقَدْ قِيْلَ تُطْعمُ، وَالمُرْضِعُ إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا وَلَمْ تَجِدْ مَن تَسْتَأْجِرُهُ لَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أَفْطَرَتْ وَأَطْعَمَتْ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الهَرِمُ يُطْعِمُ إِذَا أَفْطَرَ، وَمِثْلُهُ مَن فَرَّطَ في قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانٌ آخَرَ.. وَالإِطْعَامُ في هَذَا كُلِّهِ مُدٌّ عَن كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيْهِ. وَيُسْتَحَبُّ للصَّائِمِ: كَفُّ لِسَانِهِ، وَتَعْجِيْلُ قَضَاءِ مَا في ذِمَّتِهِ مِن الصَّوْمِ، وَتَتَابُعُهُ، وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الحَاجِّ، وَصَوْمُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمِ، وَرَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ.. وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ تَكُوْنَ البِيْضُ لِفِرَارِهِ مِن التَّحْدِيْدِ، وَكَذَا كَرِهَ صِيَامَ سِتَّةٍ مِن شَوَّالٍ مَخَافَةَ أَنْ يُلْحِقَهَا الجَاهِلُ بِرَمَضَانَ. وَيُكْرَهُ: ذَوْقُ المِلْحِ للصَّائِمِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَمَجَّهُ وَلَمْ يَصِلْ إِلى حَلْقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.. وَمُقَدِّمَاتُ الجِمَاعِ مَكْرُوْهَةٌ للصَّائِمِ كَالقُبْلَةِ وَالجَسَّةِ وَالنَّظَرِ المُسْتَدَامِ وَالْمُلاَعَبَةِ إِنْ عُلِمَت السَّلاَمَةُ مِن ذَلِكَ وَإِلاَّ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ إِنْ أَمْذَى مِن ذَلِكَ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ فَقَطْ، وَإِنْ أَمْنَى فَعَلَيْهِ القَضَاءُ وَالكَفَّارَةُ. وَقِيَامُ رَمَضَانَ مُسْتَحَبٌّ مُرَغَّبٌ فِيْهِ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَن قَامَ رَمَضَانَ إِيْمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ».. وَيُسْتَحَبُّ الاِنْفِرَادُ بِهِ إِن لَمْ تُعَطَّل المَسَاجِدُ. وَاللهُ أَعْلَمُ. قلت: انتهى كلام العلامة الشيخ عبد الباري العشماوي رحمه الله تعالى بحمد الله ولطفه ومنه.. يقول العلامةالشيخ أحمد بن تركي شارح العشماوية: ثُمَّ إِنِّي أَلْحَقْتُ كَلاَم المُصَنِّفِ بِخَمْسَةِ أَبْوَابٍ تَكْثُرُ حَاجَةُ المُكَلَّفِ إِلَيْهَا،وَلِأَنَّهَا مُلْحَقةٌ بِرُبُعِ العِبَادَاتِ وَبِهَا تَتِمُّ فَاِئّدُة المُقَدِّمَةِ.. وَهِيَ: بَابُ الاعْتِكَافِ،وَبَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ،وَبَابُ زَكَاةِ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ،وَبَابُ الذَّكَاةِ وَالأُضْحِيَةِ،وَبَابُ الحَجِّ.. وَأَتَيْتُ مِنْ كُلِّ بَابٍ بِمَا فِيهِ النَّفْعُ،وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَنْفَعُ بِهِ وَهُوَ المُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.. .بَابٌ فِي أَحْكَامِ الاِعْتِكَافِ فَإِنْ نَوَى أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الجُمُعَةُ تَعَيَّنَ الجَامُِع،وَإِلاَّ فَفِي أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ.. وَأَقَلُّ الاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.. وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ،وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ لَزِمَهُ يَوْمُ وَلَيْلَةٌ.. وَلاَ حَدَّ لأَكْثَرِهِ.. وَيَبْطُلُ: بِمَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.. وَكَذَا إِنْ َسَكِرَ،أََوْ جَامَعَ لَيْلاً نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا وَأَوْلَى نَهَاراً بَطَلَ اعْتِكَافُهُ،وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ،وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُ مِنْ أَوَّلِهِ.. وَمِثْلُهُ مَنْ تَعَمَّدَ الأَكْلَ أَو الشُّرْبَ لَغَيْرِ عُذْرٍ نَهَارًا.. وَلْيَدْخُلْ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ مَعَ غُرُوبِهَا.. وَصَحَّ إِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ اعْتِكَافَ يَوْمِهَا،سَوَاءً نَوَاهُ وَحْدَهُ أَوْ نَوَى أَيَّامًا.. وَلاَ يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ إِلاََّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ وَنَحْوِهَا مِنَ الضَّرُورَاتِ. وَيُكْرَهُ: اعْتِكَافُهُ غَيْرَ مَكْفِيٍّ،وَاشْتِغَالُهُ بِغَيْرِ الذِّكْرِ وَالصَّلاَةِ وَالتِّلاَوَةِ،وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابٌ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَنُدِبَ: إِخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلاَةِ،أَيْ صَلاَةِ الْعِيدِ.. وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلاَثَةِ.. وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ صَاعًا وَاحِدًا لِمَسَاكِينَ،وَآصُعًا مُتَعَدِّدَةً لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ.. وَلاَ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا،أَيْ زَمَنِ الزَّكَاةِ.. وَإِنَّمَا تُدْفَعُ: لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الفَقِيرِ،وَلاَ يَلْزَمُهُ عُمُومُ الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ،وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. .بَابُ الزَّكَاةِ أَمَّا زَكَاةُ الْحَرْثِ فَيَوْمَ حَصَادِهِ،وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَمَامُ الْحَوْلِ.. وَلاَ زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ.. وَالْوَسَقُ سِتُّونَ صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ،وَالْمُدُّ رَطْلٌ وَثُلُثٌ.. فَالْخَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رَطْلٍ.. وَقَدْ حُرِّرَ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوُجِدَ سِتَّةَ أَرَادِبَ وَنصْفَ أَرْدَبٍّ وَنِصْفَ وَيْبَةٍ بِالْكَيْلِ المِصْرِيِّ.. فَإِذَا بَلَغَ حَبُّهُ أَوْ ثَمَرُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلْيُخْرِجْ مِنْهُ الْعُشْرَ،إِنْ كَانَ سَقْيُهُ بِالسَّيْحِ كَالنِّيلِ وَالْمَطَرِ.. وَنِصْفَ الْعُشْرِ إِنْ كَانَ سَقْيُهُ بِآلَةٍ كَالدَّوَالِيبِ وَالدِّلاَءِ وَنَحْوِهَا.. وَيُجْمَعُ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسَّلْتُ لأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ.. وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ الْقَطَانِيُّ،وَهُيَ: [ الْفُولُ،وَالْعَدَسُ،وَالْحِمَّصُ،وَالْبَسِيلَةُ،وَالْجُلْبَانُ،وَالتِّرْمِسُ،وَاللُّوبْيَا ] ؛ لأَنَّهَا كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِي الزَّكَاةِ لاَ الْبَيْعِ،فَإِنَّهَا فِيهِ أَجْنَاسٌ.. وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ أَصْنَافُ الزَّبِيبِ.. وَكَذَلِكَ أَصْنَافُ التَّمْرِ.. وَأَمَّا الْعَلَسُ وَالدَّخَنُ وَالذُّرَةُ وَالأَرُزُّ،فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلاَ يُضَمُّ لِشَيْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ وَالسَّمْسُمُ وَالْقُرْطُمُ وَحَبُّ الْفِجْلِ الأَحْمَرِ،يُخْرَجُ مِنْ زَيْتِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ إِذَا بَلَغَ النِّصَابَ،وَإِلاَّ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ.. وَتَقَدَّمَ أَنَّ النِّصَابِ أَلْفٌ وَسِتَّمِائَةِ رَطْلٍ.. وَلاَ زَكَاةَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ،وَاللهُ أَعْلَمُ. .بَابُ فِي زَكَاةِ العَيْنِ وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ لاَ زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ.. فَإِذَا بَلَغَتْهَا وَحَالَ حَوْلُهَا فَفِيهَا أَيْضًا رُبُعُ الْعُشْرِ،وَذَلِكَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ،كُلُّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ وَخَمْسًا حَبَّة مِنْ مُتَوَسِّطِ الشَّعِيرِ.. فَمَا زَادَ عَلَى العِشْرِينَ دِينَارًا وَالْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيُخْرَجُ مِنْهُ رُبُعُ عُشْرِهِ بِحِسَابِهِ،مَا لَمْ يَكُنْ مَدِينًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ،وَالدَّيْنُ يُنْقِصُ النِّصَابَ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ.. وَيُضَمُّ الذَّهَبُ إِلَى الْوَرِقِ،فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْهُمَا مَا فِيهِ الزَّكَاةُ زَكّاه وَإِلاَّ فَلاَ،وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. .بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ أَمّضا الإِبِلُ: فَلاَ زَكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذُودٍ.. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى تِسْعٍ.. فَإِذَا بَلَغَتْ عَشْرًا فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ.. فَإِذَا بَلَغْتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَفِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ إِلَى تِسْعَةَ عَشَرَ.. فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ،فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ.. فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ فَمَا زَادَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ.. فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَمَا زَادَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حُقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ.. َفَمَا زَادَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذْعَةٌ.. فَمَا زَادَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ.. فَمَا زَادَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِهاَ حُقَّتَانِ.. فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حُقَّةٌ،وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ.. وَبِنْتُ الْمَخَاضِ هِيَ الَّتِي قَدْ أَوْفَتْ َسَنَةً وَحَمَلَتْ أُمُّهَا عَلَيْهَا وَمَخَضَ الْجَنِينُ بِبَطْنِ أُمِّهَا.. فَإِذّا كَمُلَ لَهَا سَنَتَانِ وَوَضَعَتْ أُمُّهَا عَلَيْهَا فَهِيَ بِنْتُ لَبُونٍ،وَبِنْتُهَا السَّابِقَةُ بِنْتُ لَبُونٍ.. فَإِذَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ فَهِيَ حُقَّةٌ لأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهَا.. فَإِذَا دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الخَامِسَةِ فَهِيَ جَذْعَةٌ.. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْبَقَرُ: فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلاَثِينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا عِجْلٌ تَبِيعٌ،وَهُوَ الَّذِي قَدْ أَوْفَى سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ،إِلَى أَرْبَعِينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا مُسِنَّةٌ،وَهِيَ الَّتِي قَدْ أَوْفَتْ ثَلاَثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ،إِلَى سِتِّينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ إِلَى سَبْعِينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَمُسِنَّةٌ وَتَبِيعٌ.. وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثَلاَثُ مُسِنَّاتٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَتْبِعَةٍ،الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلسَّاعِي،وَقِيلَ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ.. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْغَنَمُ: فَلاَ زَكَاةَ فِيها حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا شَاةٌ جَذْعَةٌ إِلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ.. َفِإذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فَفِيهَا شَاتَانِ.. وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلاَثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ.. فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ.. ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ.. وَلاَ زَكَاةَ فِي الأَوْقَاصِ،وَهِيَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنْ ُكُلِّ الأَنْعَامِ.. وَتُجْمَعُ الْمَعْزُ مَعَ الضَّأْنِ.. وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ الْجَوَامِيسُ مَعَ الْبَقَرِ.. وَالْبُخْتُ مَعَ الْعِرَابِ فِي الإِبِلِ.. وَلاَ تُؤْخَذُ السَّخْلَةْ،وَتُعَدُّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ.. وَلاَ تُؤْخَذُ الْعِجَافُ وَلاَ الْكِرَامُ،فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا عِجَافَا أَوْ كِرَامًا لَزِمَ رَبُّهَا شَاةٌ وَسَطٌ،لاَ الْقِيمَةُ.. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمٌ. .بَابٌ فِي الذَّكَاةِ وَالأُضْحِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ .الذَّكَاةُ: وَيُشْتَرَطُ: أَنْ يَذْبَحَ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ،وَيَقْطَعَ الأَوْدَاجَ،وَالْحُلْقُومَ،وَيَتْرُكَ مِنْهُ دَائِرَةً إِلَى جِهَةِ الرَّأْسِ،وَلاَ يَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُتِمَّ.. فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ تُؤْكَلْ.. إِلاَّ أَنَّهُ إِنْ رَفَعَ يَدَهُ اضْطِرَارًا،وَأَعَادَ بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ،وَلَمْ تَنْفُذْ الْمَقَاتِلُ أُكِلَتْ بِلاَ خِلاَفٍ.. وَإِنْ رَفَعَ اخْتِيَارًا وَأَعَادَ بِالْقُرْبِ أُكِلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ.. وَالإِبِلُ تُنْحَرُ،فَإِنْ ذُبِحَتْ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَشْهُورِ.. وَأَمَّا الْبَقَرُ فَيَجُوزُ فِيهَا الأَمْرَانِ،وَهُمَا الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ،وَالذَّبْحُ أَوْلَى مِنَ النَّحْرِ.. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الاِخْتِيَارِ.. وَأَمَّا مَعَ الضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ ذَبْحُ مَا يُنْحَرُ وَنَحْرُ مَا يُذْبَحُ.. وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. .الأُضْحِيَةُ: وَالأُضْحِيَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ ؛ لأَنَّهَا مِنَ الشَّعَائِرِ.. وَتَكُونُ بِجَذْعِ ضَأْنٍ: وَهُوَ مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ.. وَقِيلَ: عَشْرَةَ أَشْهُرٍ،وَقِيلَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ.. وَثَنِيِّ مَعْزٍ: وَهُوَ مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ.. وَثَنِيِّ بَقَرٍ: وَهُوَ مَا أَوْفَى ثَلاَثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ.. وَثَنِيِّ إِبِلٍ: وَهُوَ مَا أَوْفَى خَمْسَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ.. وَفُحُولُ كُلِّ نَوْعٍ أَفْضَلُ مِنْ خِصْيَانِهِ.. وَخِصْيَانُهُ أَفْضَلُ مِنْ إِنَاثِهِ.. وَإِنَاثُهُ أَفْضَلُ مِنْ فَحْلِ النَّوْعِ الَّذِي يَلِيهِ.. وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَرْتَبَةً: أَعْلاَهَا ذُكُورُ الضَّأْنِ،وَأَدْنَاهَا إِنَاثُ الإِبِلِ.. وَلاَ تُجْزِئُ: الْعَوْرَاءُ،وَلاَ الْمَرِيضَةُ،وَلاَ الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنٌ ضَلَعُهَا،وَلاَ الْجَرْبَاءُ،وَلاَ الْعَجْفَاءُ،وَلاَ مَشْقُوقَةُ الأُذُنِ إِذَا كَانَ الشَّقُّ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ،وَأَمَّا مَقْطُوَعَةُ ثُلُثِ الذَّنَبِ فَإِنَّهَا لاَ تُجْزِئُ،وَلاَ مَكْسُورَةْ الْقَرْنِ إِنْ كَانَ يَدْمَى.. وَتُجْزِئُ: الْجَمَّاءُ،وَهِيَ الْمَخْلُوقَةُ بِغَيْرِ قَرْنٍ فِي نَوْعِ مَا لَهُ قَرْنٌ،وَمُقْعَدَةٌ لِشَحْمٍ،وَمَكْسُورَةُ قَرْنٍ لاَ يَدْمَى.. وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإِمَامِ: لَمْ يُجْزِهِ أُضْحِيَتُهُ،وَهِيَ شَاةُ لَحْمٍ.. وَتَفُوتُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّاِلِثِ،لأَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ بَعْدَهُ هِيَ الأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ لِلذَّبْحِ.. وَأَمَّا الأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ لِرَمْيِ الْجِمَارِ: فَثَلاَثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ.. فَيَوْمُ النَّحْرِ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ،وَالْيَوْمَانِ اللَّذَانِ بَعْدَهُ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ،وَالْيَوْمُ الرَّابِعُ مَعْدُودٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ.. وَالنَّهَارُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ ذَكَاةِ الأُضْحِيَةِ.. وَيُكْرَهُ: تَسْمِينُهَا،وَالتَّغَالِي فِي ثَمَنِهَا،لِمَا فِيهِ مِنَ التَّفَاخُرِ.. وَيُسْتَحَبُّ: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الأَكْلِ مِنْهَا وَالصَّدَقَةِ وَطُعْمَةِ الإِخْوَانِ.. وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. .بَابٌ فِي الْحَجِّ وَلَهُ شُرُوطُ وُجُوبٍ،وَأَرْكَانٌ،وَسٌنَنٌ،وَمُسْتَحَبَّاتٌ.. فَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ فَخَمْسَةٌ: الْبُلُوغُ،وَالْعَقْلُ،وَالْحُرِّيَّةُ،وَالإِسْلاَمٌ،وَالاسْتِطَاعَةُ.. وَأَمَّا فَرَائِضُهُ،أَيْ أَرْكَانُهُ الَّتِي لاَ يَجْبُرُهَا الدَّمُ،وَيَبْطُلُ حَجُّهُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مِنْهَا،فَهِيَ خَمْسَةٌ أَيْضًا: النِّيَّةُ،وَالإِحْرَامُ،وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لَيْلاً قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ،وَطَوَافُ الإِفَاضَةِ،وَالَّسْعُي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.. وَأَمَّا سُنَنُهُ الْمُؤَكَّدَةُ الَّتِي تُجْبَرُ بِالدَّمِ،فَعَشَرَةٌ: إِفْرَادُ الْحَجِّ.. وَالإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ.. وَالتَّلْبِيَةُ،وَأَفْضَلُهَا تَلْبِيَةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم،وَهِيَ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ،لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ،إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ،لاَ شَرِيكَ لَكَ".. وَطَوَافُ القُدُومِ.. وَالمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ.. وَرَمْيُ الْجِمَارِ.. وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ.. وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ.. وَالْمَبِيتُ بِمِنَى لَيْلَةَ الرَّمْيِ.. وَالْجَمْعُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ.. فَلَوْ تَرَكَ الإِفْرَادَ وَتَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ،أَوْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ،أَوْ تَرَكَ طَوَافَ الْقُدُومِ،أَوْ تَرَكَ غَيْرَهُ مِْنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ لَزِمَهُ دَمٌ.. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ: فَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ،فِي الْعُمْرِ مَرَّةً.. وَلَهَا شُرُوطٌ وَأَرْكَانٌ تَأْتِي عِنْدَ ذِكْرِهَا.. وَأَمَّا بَقِيَّةُ سُنَنِهِ وَمُسْتَحَبَّاتِهِ فَكَثِيرَةٌ،وَسَنَذْكُرُ شَيْئًا مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.. فَأَمَّا الإِحْرَامُ: فَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ الْمَقْرُونَةِ بِقَوْلٍ كَالتَّلْبِيَةِ،أَوْ فِعْلٍ كَالتَّوَجُّهِ لِطَرِيقِ مَكَّةَ.. وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَغْتَسِلَ،وَيَتَجَرَّدَ مِنَ الْمَخِيطِ وَالْمُحِيطِ.. فَيُحْرِمُ إِنْ شَاءَ بِحَجٍّ مُفْرِدًا،أَوْ بِقِرَانٍ،وَإِنْ شِاءِ بِعُمْرَةٍ.. وَصِفَةُ الإِفْرَادِ: أَنْ يَقُولَ نَوَيْتُ الْحَجَّ وَأَحْرَمْتُ بِهِ لِلَّه تَعَالَى.. وَصِفَةُ الْقِرَانِ: أَنْ يَقُولَ نَوَيْتُ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ وَأَحْرَمْتُ بِهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى.. أَوْ يَنْوِيَ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا ثُمَّ يُرْدِفُ الْحَجَّ عَلَيْهَا،مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ طَوَافِهَا.. وَصِفَةُ الْعُمْرَةِ: أَنْ َيقُولَ نَوَيْتُ الْعُمْرَةَ وَأَحْرَمْتُ بِهَا لِلَّهِ تَعَالَى.. وَلاَ يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ،بَلْ لَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ أَجْزَأَهُ.. فَإِذَا دَخَلَ فِي الإِحْرَامِ،حَرُمَ عَلَيْهِ: لَبْسُ الثِّيَابِ،وَالنَّعْلِ،وَالْمُحِيطِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَخِيطِ.. وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَخِيطَ عَلَى ظَهْرِهِ مُلْتَحِفًا بِهِ.. وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ: لَبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ وَالْمُوَرَّسَ مِنَ الثِّيَابِ،وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا دَهْنُ اللَّحْيَةِ وَالرَّأْسِ.. وَلاَ يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلاَ يَمْشُطُهُ وَلاَ يُغَطِّيهِ.. وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ: فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا: وَتُغَطِّي رَأْسَهَا بِلاَ غَرْزٍ وَلاَ خِيَاطَةٍ،وَتَسْدِلُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِهَا لِلسَّتْرِ.. وَلاَ يَطْرَحُ الْقِرَادَ عَنْ دَابَّتِهِ.. وَلاَ يَحُكُّ مَا لاَ يَرَاهُ مِنْ بَدَنِهِ إِلاَّ بِرِفْقٍ لِئَلاَّ يَقْتُلَ الدَّوَابَّ.. وَلاَ قَلْمُ أَظْفَارِهِ،فَإِنْ قَلَّمَ وَاحِدًا بِغَيْرِ كَسْرٍ أَطْعَمَ حِفْنَةً.. وَلاَ يُزِيلُ شَعْثًا وَلاَ وَسَخًا.. وَلاَ يَقْتُلُ قَمْلَةً وَلاَ بَرْغُوثًا،وَلاَ يَطْرَحُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلاَ عَنْ غَيْرِهِ،وَلَهُ طَرْحُ الْبَرْغُوثِ وَالْعَلَقِ.. وَلاَ يَدَّهِنُ بِدُهْنٍ مُطَيّبٍ.. وَلاَ يَكْتَحِلُ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ بِكُحْلٍ لاَ طِيبَ فِيهِ.. وَلاَ يَصْطَحِبُ طِيبًا،وَلاَ يَسْتَدِيمُ شَمَّهُ.. وَلاَ يَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ فِي الْحَرَمِ وَلاَ فِي غَيْرِهِ.. وَلاَ يَذْبَحُ صَيْدًا صَادَهُ حَلاَلٌ أَوْ مُحْرِمٌ.. وَلَهُ ذَبْحُ الطَّيْرِ الَّذِي لاَ يَطِيرُ،كَالإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ .. فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ الصَّيْدِ: فَعَلَيْهِ جَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ،يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ.. أَوْ كَفَّارَةُ ذَلِكَ طَعَامُ مَسَاكِينَ.. أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا.. وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَمْنُوعَاتِ الَّتِي لاَ تُفْسِدُ الْحَجَّ،كَلَبْسِ ثِيَابِهِ أَوْ تَغْطِيَةِ رَأْسِهِ أَوْ حَلْقِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ،فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وُجُوبًا.. وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ،إِلاَّ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَظُنَّ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ مُبَاحٌ.. الثاني: أَنْ يَقَعَ التَّعَدُّدُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ،كَأَنْ يَلْبَسَ وَيُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَيُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيَقْتُلَ الْقَمْلَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ دُفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ.. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَنْوِيَ التَّكْرَارَ،فَإِنْ نَوَاهُ فَلاَ تَتَكَرَّرُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ بَعْدَ مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ.. الرَّابِعَةُ: أَلاَّ يَحْصُلَ بِالْفِعْلِ الثَّانِي انْتِفَاعٌ زَائِدٌ عَلَى الأَوَّلِ،كَأَنْ يُقَدِّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلَ،أَوْ الْقَلَنْسُوَةَ عَلَى الْعِمَامَةِ،أَمَّا لَوْ قَدَّمَ السَّرَاوِيلَ أَوْ الْعِمَامَةَ لَتَكَرَّرَتْ.. وَيُشْتَرَطُ فِي اللَّبْسِ أَنْ يَتَحَقَّقَ بِهِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ،فَإِنْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ فَلاَ فِدْيَةَ.. وَلَهُ قَتْلُ الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ،كَالأَسَدِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْغُرَابِ وَالْحَدَأَةِ وَالزَّنْبُورِ.. وَيَجُوزُ لَهُ صَيْدُ الْبَحْرِ مُطْلَقًا.. وَلاَ يَقْرَبُ النِّسَاءَ،وَلاَ يَخْطِبُ امْرَأَةً لِنَفْسِهِ وَلاَ لِغَيْرِهِ،وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ.. وَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ،وَمُقَدِّمَاتِهِ،وَبِاسْتِدْعَاءِ الْمَنِيِّ وَلَوْ بِالنَّظَرِ،وَبِالْمَذْيِ.. وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَقَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ،أَوْ بِتَرْكِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِهِ،وَيُعَاوِدُ التَّلْبِيَةَ فِي كُلِّ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَمُلاَقَاةِ رُفْقَةٍ.. وَيُكْرَهُ الإِلْحَاحُ بِهَا جِدًّا،وَالزِّيَادَةُ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم،وَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي لِدُخُولِ بُيُوتِ مَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ - عَلَى الْخِلاَفِ فِي ذَلِكَ -،هَذَا إِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ.. فَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْجُعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا وَصَلَ لِبُيُوتِ مَكَّةَ،ثُمَّ يَدْخُلُ مِنْ كُدَاءِ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ إِنْ جَاءَ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ،وَيُلاَحِظُ بِقَلْبِهِ جَلاَلَةَ الْبُقْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا،يَمْهَدُ عَلَى مَنْ زَاحَمَهُ،وَمَا نُزِعَتْ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ قَلْبٍ شَقِيٍّ،ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ،وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَي،وَيَتَعَوَّذُ،وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،وَيَسْتَحْضِرُ عِنْدَ رُؤْيَا الْبَيْتِ مَا أَمْكَنَهُ مِنَ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ،فَيَقْصِدُ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ وَيَسْتَلِمُهُ إِنْ أَمْكَنَهُ،وَيَطُوفُ وَيَنْوِي طَوَافَ الْقُدُومِ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ.. وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ نَوَى طَوَافَ الْعُمْرَةِ،وَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ،فَيَسْتَلِمُهُ إِنْ أَمْكَنَهُ،وَيَطُوفُ.. وَيُشْتَرَطُ فِي الطَّوَافِ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ،وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ كَالصَّلاَةِ،وَكَمَالُ سَبْعَةِ أَشْوَاطٍ،وَمُوَالاَتُهُ،وَكَوْنُهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ،خَارِجًا عَنْ مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرْعٍ مِنَ الْحِجْرِ – بِكَسْرِ الْحَاءِ – وَعَنِ الشَّاذَرْوَانِ،وَكَوْنُ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ.. فَإِذَا تَمَّ طَوَافُهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِأَيِّ مَكَانٍ مِنَ الْمَسْجِدِ،وَالأَحْسَنُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ،ثُمَّ يَخْرُجُ لِلصَّفَا مِنْ بَابِ الصَّفَا وَفِي قَلْبِهِ صَفَا،وَيَرْقَى عَلَيْهَا،وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ،وَيَدْعُو بِمَا تَيَسَّرَ لَهُ،ثُمَّ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ "ثَلاَثًا"،وَيُثْنِي عَلَى اللهِ،وَيُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ،وَيَنْحَدِرُ نَحْوَ الْمَرْوَةِ مُشْتَغِلاً بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .. فَإِذَا وَصَلَ إِلَى بَطْنِ الْمَسِيلِ،وَذَلِكَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الأَخْضَرَيْنِ خَبَّ – وَالْخَبُّ فَوْقَ الرَّمَلِ وَدُونَ الْجَرْيِ -،فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْعَمُودِ الثَّانِي تَرَكَ الْخَبَبَ،يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الأَشْوَاطِ.. فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْمَرْوَةَ رَقَى عَلَيْهَا،وَفَعَلَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصَّفَا،ثُمَّ يَنْحَدِرُ إِلَى الصَّفَا دَاعِيًا وَمُصَلِّيًا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا فَعَلَ فِي الشَّوْطِ الأَوَّلِ،فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الصَّفَا فَذَلِكَ شَوْطٌ ثَانٍ،وَهَكَذَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ.. فَيَكْمُلُ لَهُ أَرْبَعُ وَقَفَاتٍ عَلَى الصَّفَا وَأَرْبَعٌ عَلَى الْمَرْوَةِ،وَيَخْتِمُ بِهَا.. وَشُرُوطُ السَّعْيِ: إِكْمَالُ سَبْعَةَ أََشْوَاطٍ،وَالْبَدَاءَةُ بِالصَّفَا،وِتَقَدُّمُ طَوَافٍ صَحِيحٍ عَلَيْهِ.. فَإِذَا تَمَّ سَبْعَةُ أَشْوَاطٍ تَحَلَّلَ حِينَئِذٍ إِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ،بِنَحْوِ هَدْيٍ أَوْ حَلْقِ رَأْسِهِ.. وَأَفْضَلُ الْهَدْيِ: الإِبِلُ،ثُمَّ الْبَقَرُ،ثُمَّ الضَّأْنُ،ثُمَّ الْمَعْزُ.. وَحُكْمُهَا فِي السِّنِّ وَالسَّلاَمَةِ مِنَ الْعُيُوبِ حُكْمَ الضَّحَايَا.. وَيَجُوزُ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا،إِلاَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ: الصَّيْدِ،وَفِدْيَةِ الأَذَى،وَنَذْرِ المَسَاكِينِ،وَهَدْيِ التَّطَوُّعِ إِذَا عَطُبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ.. وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ قِرَانٍ عَاوَدَ التَّلْبِيَةَ،وَيُكْثِرُ مِنَ الطَّوَافِ وَشُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ.. وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ أَوِ الْحَرَمِ فَلاَ يَطُوفُ وَلاَ يَسْعَى حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ عَرَفَةَ.. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهَ الإِمَامُ وَالنَّاسُ إِلَى مِنَى بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُونَ بِهَا الظُّهْرَ،وَلَوْ فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ.. فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنَى نَزَلَ بِهَا حَيْثُ شَاءَ.. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبِيتَ بِهَا وَلاَ يَرْتَحِلُ مِنْهَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ،وَهَذِهِ السُّنَّةُ قَدْ تَرَكَهَا أَكْثَرُ النَّاسِ الْيَوْمَ،فَإِذَا وَصَلَ إِلَى عَرَفَةَ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَنْزِلَ بِنَمِرَةَ،وَهَذِهِ السُّنَّةُ قَدْ تُرِكَتْ أَيْضًا،وَإِنَّمَا يَنْزِلُ النَّاسُ الْيَوْمَ فِي مَوْضِعِ الْوُقُوفِ،فَلْيُحَافِظْ عَلَى إِحْيَائِهَا.. فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مَسْجِدِ نَمِرَةَ.. وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَئِذٍ،وَلاَ يُلَبِّي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ،ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا وَقَصْرًا،لِكُلِّ صَلاَةٍ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ،وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَعَ الإِمَامِ جَمَعَ وَقَصَرَ فِي رَحْلِهِ،ثُمَّ يَأْتِي لِلْمَوْقِفِ،وَعَرَفُة كُلُّهَا مَوْقِفٌ.. فَيَقِفُ رَاكِبًا مُسْتَقْبِلاً مُتَضَرِّعًا خَاضِعًا يَدْعُو إِلَى الْغُرُوبِ،فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَقَفَ قَائِمًا،فَإِذاَ تَعِبَ جَلَسَ،فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ دَفَعَ الإِمَامُ وَالنَّاسُ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ.. فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمْعًا وَقَصْرًا،وَالنُّزُولُ بِمُزْدَلِفَةَ وَاجِبٌ, وَالْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ،فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى الصُّبْحَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا،ثُمَّ يَقِفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ،وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ،ثُمَّ يَنْصَرِفُ.. فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنَى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ،فَلْيَرْمِهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ،وَقَدْ حَصَلَ لَهُ بِهَذَا الرَّمْيِ التَّحَلُّلُ الأَصْغَرُ،فَيَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ،وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ،ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ.. ثُمَّ يَأْتِي مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الإِفَاضَةِ،وَيَسْعَى إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى أَوّلاً،بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنَ الْحَرَمِ أَوْ مِنَ الْحِلِّ وَلَمْ يَسْعَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ،وَقَدْ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ الأَكْبَرٌ،فَيَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ،حَتَّى النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ.. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنَى فَيَبِيتُ بِهَا ثَلاَثَ لَيَالٍ إِنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ،وَلَيْلَتَيْنِ إِنْ تَعَجَّلَ فَإِذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى الْجِمَارَ الثَّلاَثَ.. فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الأُولًى،وَهِيَ الَّتِي عَلَى مَسْجِدِ مِنَى،ثُمًّ الْوُسْطَى،ثُمَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ.. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلِى رَحْلِهِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ.. فَإَذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلاَثَ أَيْضًا مِثْلَمَا صَنَعَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي،ثُمَّ إِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ وَرَمْيُ جِمَارِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ.. وَمَتَى غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ،وَلَزِمَهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ،وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ.. فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ وَكَانَ آفَاقِيًّا وَقَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ،قَالَ مَالِكٌ: هِيَ آكَدُ مِنَ الْوِتْرِ،وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَخَّصَ فِي تَرْكِهَا.. وَذَهَبَ ابْنُ الْجُهْمِ وَابْنُ حَبِيبٍ إِلَى وُجُوبِهَا.. وَيكُرَهُ تَكْرَارُهَا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ،وَقِيلَ لاَ تُكْرَهُ،وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لاَ بَأْسَ بِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ.. وَيَجِبُ فِي الإِحْرَامِ بِهَا مَا يَجِبُ فِي الإِحْرَامِ بِالْحَجِّ: مِنَ التَّجَرُّدِ وَالنِّيَّةِ وَالتَّلْبِيَةِ وَاجْتِنَابِ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ.. وَيَجِبُ لَهَا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بِشُرُوطِهِمَا السَّابِقَةِ.. وَبِتَمَامِ السَّعْيِ قَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ.. فَيَتَحَلَّلُ مِنْهَا بِفِعْلِ مَا تَقَدَّمَ،ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى شَأْنِهِ،وَيُكْثِرُ مِنَ الذِّكْرِ وَتِلاَوَةِ الْقُرْآنِ وَمُشَاهَدَةِ الْبَيْتِ وَكَثْرَةِ الطَّوَافِ وَشُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ،وَيَغْتَنِمُ فِي إِقَامَتِهِ تِلْكَ الأَيَّامِ الثَّلاَثِ القَلاَئِلِ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الأَمَاكِنِ.. وَلَيْسَ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ دُعَاءٌ مُخْتَصٌّ بِهِ،وَأَحْسَنُ مَا يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بِهِ الْعَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَالأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ.. وَالثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.. وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.. وَقَدْ تَمَّ مَا أَلْحَقَهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ الْقَدِيرِ،أَحْمَدُ بْنُ تُرْكِيِّ،عَلَى مُقَدِّمَةِ الشَّيْخِ الإِمَامِ الْعَالِمِ الْعَلاَّمَةِ سَيِّدِي عَبْدِ البَارِي العَشْمَاوِيِّ رَحِمَهُ اللهُ.. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.. آمِينَ. |